انطلاقاً من إيماننا بأن الطفل يبدأ في تعلم التفكير قبل أن يذهب إلى المدرسة بزمن طويل ، ومن إيماننا كذلك بوجوب تدريب الطفل على شعار أنا أواجه مشكلاتي وليَ القدرة على حلها وما يتوجب على الآباء والأمهات أيضاً من توفير البيئة المناسبة التي تعمل على تنمية التفكير لديهم وتشجع بداياته، والتي من أفضل طرقه طرح الأسئلة التي تتطلب من الأطفال التفكير قبل الإجابة ، وليس تلك التي تستدعي مخزونهم المعرفي ، وسنستعرض هنا موقفاً آخر يمكن من خلاله أن ننمي التفكير لدى أطفالنا .
لو جاء طفل لأبيه يوماً يشكو من أن أحمد ضربه في المدرسة ، فإن تصرف الآباء مع هذا الحدث يختلف من أب لآخر .
فالبعض قد يسأل عن السبب ، وقد يقول : لماذا لم تخبر المعلم بذلك .
وبعضهم قد يقول لطفله : ولماذا لم تضربه كما ضربك ، ويعلل بأنه في حالة عدم ردك على من يعتدي عليك بالمثل فإن الأطفال سيعتادون على ضربك دائماً لأنك شخص ضعيف .
وفي هذين الأسلوبين تقدم لطفلك حلولاً جاهزة ، وتحرمه من التفكير في ما يعترضه من مشكلات مستقبلاً .
أما التصرف الصحيح في مثل ذلك الموقف ، فهو محاولتنا معرفة السبب الحقيقي الذي أثار المشكلة ، وأن نطرح تساؤلات على الطفل لمعرفة كيف يمكن أن يتجنب المشكلة من أساسها مستقبلاً، وكيف يمكنه أن يكسب ود الآخرين ويتعاون معهم بدلاً من العداء معهم ، وليكن تركيزنا مع الطفل على إعمال التفكير السليم ، والوصول إلى حلول عملية مناسبة، وأن ننمي في روح الطفل حب أنا أواجه مشكلاتي وليَ القدرة على حلها ولنحذر من المدح والثناء لما يعرضه علينا من حلول مقترحة ، لأن استحساننا لما يتوصل له الطفل من حلول قد يحول دون محاولته التفكير في حلول أخرى جديدة ، ولأن في استحساننا ما يجعل الطفل يميل إلى تبني ذلك الحل والاعتقاد بأنه هو الحل الوحيد المناسب .
متعكم الله بأطفال لديهم القدرة على التفكير المنطقي السليم ، لتسعدوا بوجودهم ، وللحديث صلة ، والله من وراء القصد .
د . علي الشيخي